الأصناف الأربعة للعباد ومداخل الشيطان عليهم
انقسم الناس في الآخرة إلى أربعة أقسام: السابقون وأهل اليمين (الذين أنعمت عليهم) والمغضوب عليهم والضالون.. فالسابقون هم أهل الأرواح والقلوب وأصحاب اليمين هم أهل الأعمال الصالحة والمغضوب عليهم هم المعرضون المتكبرون والضالون هم أهل السيئات..
فالسابقون اللهُ أمامهم، وأهل اليمين الجنة على أيمانهم، والمغضوب عليهم اللهُ خلفهم وأهل الشمال النار على شمائلهم.. فمن كان الله أمامه أخذ كتابه من أمامه، ومن كانت الجنة عن يمينه أخذ كتابه بيمينه، ومن كان الله خلفه أخذ كتابه من وارء ظهره .... المزيد
كمال السعادة في سلامة القلب وهداية العقل
أصل أسباب السعادة أمران: سلامة القلب وهداية العقل.. وذلك أن القلب هو الذي يورث المحبة والرحمة والشفقة على الخلق والتوكل والصبر والشكر والرضا.. أما العقل فإنه هو الذي يورث الحكمة والصواب والعمل الصالح والإصلاح في الأرض. فكلاهما أساس الفلاح في الآخرة؛ ولهذا فإن خير الزاد التقوى التي محلّها القلب، وخير زاد العقل الحكمة التي محلها العقل، وإن من أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.. وبهما تتم النعمة ويكمل الإيمان.... المزيد
صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
وهذه الآية هي تفسير الصراط وتوضيحه؛ فالصراط المستقيم هو صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وليس بصراط من غضب الله عليه ولا من ضلّ عن سبيله.
وقد انقسمت هذه الآية إلى قسمين فقسم منعّم وهو قسم أصحاب اليمين الذين هم على هدىً من ربهم، وقسم إلى الشمال وهو القسم الذي استحق عذاب الله في الآخرة.
ولمّا كان الصراط المستقيم كما سلف هو (لا إله إلا الله) فكان من أنعم الله عليهم هم أهل (لا إله إلا الله) وغيرهم هم الذين ليسوا من أهلها .... المزيد
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
ولمّا دخل الإيمان القلب واعتمر بنور الرب، كان لا بد من السلوك إلى حضرته سبحانه، وهذا السلوك لا يتحقق إلاّ بالعمل الصالح. وفي كتاب الله آيات كثيرة قرن المولى الإيمان بالعمل الصالح؛ فلا يصحّ أحدهما إلاّ بالآخر، وإنّ نور الإيمان بالله في القلب لا يزع إلا بالخير ولا يدلّ صاحبه إلا على ما يزيده كمالاً على كمال.... المزيد
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
وبعد تعريف الله سبحانه لنفسه بالوحدانية وسعة الملك والجلال والعزة وأنه الملك ذا السلطان والجبروت، وجب الاعتراف له بكمال العبودية والانقياد لسلطانه بالذل والإنابة، فكان قوله: (إياك نعبد)
وقد ابتدأ هذه الآية سبحانه به وبالتوجه إليه، وهذا هو أصل العبودية أن يتوجه المرء إليه سبحانه في مبتدأ أمره فيكون هو الأول في كلّ شيء، وأن يكون هو المبتغى والغاية جلّ في علاه.. وقد جعل المولى هذه الآية بصيغة المتكلم ليكون اعترافاً من العبد لمولاه، وحُذِفَ الفاعل تقديراً إشارة لغياب البشرية في أنوار شهوده سبحانه.... المزيد