
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله وصحبه الغر الميامين وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين
يقول الحق سبحانه وتعالى (الر) هذه الحروف المقطعة من الاعجاز القراني وهي تشريف للغة العرب، فعندما يقسم الحق بحروف معينة في كتابه فهي تشريف اولا لهذه اللغة العربية وتشريف اخص لهذه الاحرف، وكل حرف من هذه الحروف له منزلة في السماء ومرتبط بمنزلة من منازل القمر او منازل النور، والالف يعتبر من اعلى هذه المنازل واعلى منازل الاحرف، واذا وجدت الالف واللام فهي اشارة الى كل ما ينزل من حضرة الحق سبحانه الى هذه الارض ويختلف ما بعدهما،الر، الم، المر، المص، وهكذا تختلف بحسب الاحرف التي بعدها وتختلف بحسب السورة نفسها، فالراء في هذه السورة تشير الى احرف الرسالات، فعلوم الرسالة تشير له الراء، ولن نطيل في هذا الكلام كثيرا لانه يحتاج الى كثير من الشروح، فبعد ذلك عرّف الحق، فاذا وجدت الحروف فما بعده هو تعريف لها، فيقول سبحانه (كتاب انزلناه اليك) فالتنزل بعلوم الرسالات من المولى هو كتاب انزلناه اليك يا محمد، فهو نور مجمل عند نزوله يتفصّل، فكلما نزل شيء من منزلة الرسالة وعند نزوله على قلب رسول الله وبداية تفصّله يتحوّل الى منهاج معين في رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فينزل نور سماوي، وهذه الامور يفسرها اكثر ويعرفها اكثر من تذوق هذه الانوار وعملية النزول الى القلب، فالنور دائما ينزل جملة واحدة ككلمة واحدة وينزل في القلب، ونزول هذا النور في القلب بعد فترة يتحول الى شيء معين حسب هذا النور فيمكن ان يتحول الى حال او مقام او منهجية او تطور في الاساليب، فدائما الحق ينزل ما يريده على الرسول او على من هم على اقدام الرسل، فالحروف النورانية هي نور ينزل، فينزل المَلَك بهذا النور ويقذف هذا النور في القلب وتنعكس هذه الانوار بعد ذلك على افعال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى سلوكه وما يبلغه للخلق، واذا قال الحقّ كتاب فهو المنهج الذي اراده الله سبحانه، وقد تَناسَبَ هذا الكتاب مع انوار الرسالة السماوية وهنا بانت (لتخرج الناس من الظلمات الى النور) وهنا دل على انه حتى تكون تفعل الفعل يا محمد بالطريقة الصحيحة وتحقق الغاية التي ارادها الله سبحانه وتعالى منك فلا بد ان تكون على منهج من الله سبحانه، فقدّم الكتاب لانه هو الاساس وهو النظام السماوي الذي لا بد ان ترشد الناس اليه فترشد الناس الى الله والى هذا النور الالهي من خلال هذا الكتاب السماوي ومن خلال هذه التعاليم الالهية (باذن ربهم) لان ارشادك للناس باذن الله، فأذِن لك الحق ان تخرج الناس من الظلمات الى النور وأذِن الحق ان يكون هذا الكتاب الذي نزلت انواره في قلبك ان يكون ارشادا لهؤلاء الخلق جميعا من الظلمات، والظلمات كثيرة فإما ظلمة الجهل او ظلمة الشيطان او ظلمة النفس او ظلمة الدنيا او ظلمة الغفلة والظلمات كثيرة الى النور الواحد، واذا أصبح نورا واحدا فهو الله سبحانه وتعالى (الى صراط العزيز الحميد) فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو دلالة على الله سبحانه ودالٌ على الطريق اليه، فهذا الكتاب هو وظيفة الرسول ان يعلمه الى الخلق فانت لا تعرف الله الا بهذا الكتاب، فمن اراد معرفة الله بغير هذا ما ادركها، والرسول هو تفسير الكتاب فالرسول هو هذا الكتاب وتعاليمه ولهذا يقول الحق الى صراط العزيز الحميد، والعزيز من العزة والعزة هي السلطان والحميد هو من تُحمَد افعاله وصفاته وكمالاته، فهو مع عزته ومَنْعَته وسَطْوَته وجبروته إله ذو قدرة واسعة فهو حميد يتنزل الى عباده بجميع المحامد..
[--يتبع ان شاء الله تعالى--]