
جلسة اليوم السادس والعشرين من رمضان في مجموعة "بينات من الهدى والفرقان" :
سؤال:
ما حقيقة ان اصحاب المهدي -عليه السلام -كل واحد منهم على قلب نبي ....
اجابة فضيلة الشيخ:
الأرجح أنهم على أقدام الصحابة الكرام، ولكن مشربهم نبوي.. فإن عصر الإمام المهدي لا يحتاج إلى أقدام أنبياء وإنما يحتاج إلى أقدام صحابة كصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم..
سؤال:
لم أفهم مامعنى ( على أقدام الصحابة ولكن مشربهم نبوي ) جزاكم الله خيرا
اجابة فضيلة الشيخ:
عندما نتكلم عن حقائق الرسل ونقارن حقائق الأولياء بها، فعلينا أن نوضح أن الحقائق النبوية مشارب، والأولياء منها يشربون.. فمهما شرب الولي فلا يشهد الولي إلاّ جزءاً بسيطاً من شهود النبي حتى لو كانا نفس الحقيقة.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى عندما نقول حقيقة نبي فإننا نقصد مجموعة هائلة من التجليات والمشاهد، بل هي تركيبة ذاتية روحية قلبية عقلية نفسية.. فعندما نقول حقيقة موسى مثلاً فإنا نقصد كيف كان يشهد مولاه ومن أي حضرة وما هو المشرب الذي يؤثر في حاله ومنهجه وغير ذلك.. وعندما نقول قدم نبوي أي منهجه وطريقته.. فنقول مثلاً ولي على قدم إبراهيم الخليل، أي على منهجه.. ونقول ولي قلبه على قلب إبراهيم أي أحواله ومشاهداته، ونقول ولي حقيقته إبراهيمية أي تركيبته الباطنية كاملة هي تركيبة سيدنا إبراهيم الخليل..
سؤال:
هل ممكن ان يسير المرء على منهجين او على يد شيخين ؟
اجابة فضيلة الشيخ:
يمكن ولكن سيكون صعباً جداً، وفي نهاية الأمر سيرجح شيخ على شيخ.. حيث أن تعاليم المشايخ مختلفة، ومشاربهم مختلفة، فمنهم الجمالي ومنهم الجلالي ومنهم الكمالي وهكذا.. فالأصوب أن تكون مع شيخ واحد، وتلزم توجيهه ومنهجه، فإن لم تحصّل الفائدة فتحوّل إلى غيره.. ذاك في شيوخ التربية، أما شيوخ العلم فيمكن تحصيل العلم من شيخ أو من أكثر ولا حرج في ذلك..
سؤال:
هل يلزم مصاحبة الشيخ مصاحبة حقيقة ...ام ممكن نكتفي بمنهجه المقروء وتوصياته ونصائه من غير لقاء
اجابة فضيلة الشيخ:
إن الشيطان لا يتوانى عن الوسوسة لطالبي طريق الحق، فيزيّن لهم أموراً عجيبة، ويفتنهم بأشياء غريبة، فيغويهم باتّباع الهوى، ويُسوّل لهم بأنهم الأولياء المقرّبون، فيحجبهم وهم يعتقدون أنهم الواصلون..
وللشيطان صورٌ في الغواية شتى، فتارة يزيّن للعبد العبادة الكثيرة ليوهمه أنّ لا أحد أكثر منه عبادة في الأرض، فيُدخل العُجبَ في قلبه، وهذا خطر عظيم.. وتارة يزيّن له ترك العبادة لأنه أصبح واصلاً لربه، ويزيّن للشخص قراءة كتب الشريعة فما أن يتعلّم القليل من أمور الدّين حتى يدعوه إلى التصدّر للفتوى على أنه أصبح فقيهاً كبيراً.. وتارة ينخزه في قلبه فيجعل الشخص يتواجد من غير وجد ويوهمه أنّ هذه أحوال الصديقين.. والكثير الكثير..
ومن ذلك السياق كانت صحّة المقولة (من لم يكن له شيخ فالشيطان شيخه).. ولكن إذا كان العبد موفقاً ويعرف مدارك الشيطان ومداخله وأخذ العلم بالشريعة سلاحاً فإن الشيطان لن يستطيع له سبيلاً فإن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلّم قال: (فقيهٌ واحد أشدّ على الشيطان من ألف عابد)، وفي النهاية فإنه سلطان الشيطان على تبّاع الهوى والشهوات وأرباب الدنيا، ولكنه بالنسبة للصادقين كما قال عنه ربّ العالمين: (إنّ كيد الشيطان كان ضعيفاً) وقال كذلك ربّ العزّة جلّ وعلا: (إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان إلاّ من اتبعك من الغاوين).. والله تعالى أعلم.
لذا فقد كانت التربية على يد مأذون بالتربية وإرشاد السالكين إلى الله جلّ وعلا أساسٌ كبير في الطريق إلى الله وأقصد في كلامي المرشد الكامل الذي سلك الطريق وعرف مداخله ومخارجه وعرف مكائد الشيطان وآفات النفوس وغيرها (الرحمن فاسأل به خبيرا)..
واعلم وفقك الله لنوره وأيّدك بروح منه، أنّ الله سبحانه لم يجعل أرضاً تخلو من أولئك العارفين الأتقياء، ولن تنفع العبد إلاّ الصحبة الصادقة لتكمل التربية، فإنّ العبد يستفيد من مجالسة العارفين وصحبتهم أكثر من قراءة الكتب ألف مرّة، ولكن كما تفضّلتم ربما لا يجد العبد من يربيه تربية أهل الكمال، لذا فإني أنصح جميع إخواني الذين لم يجدوا شيخاً مرشداً كاملاً يتولّى تربيتهم التربية الصادقة أن يتحصّنوا أولاً بسلاح الشريعة فإنها سفينة النجاة، وهي باب معرفة الحلال والحرم الذين نُحاسب عليهما، وهي بداية الطريق وهي نهايته، من تمسّك بها نجا وربح، فإنه سبحانه لن يسألك يوم القيامة لماذا كان حالك القبض أو البسط، أو غيرها من الأسئلة التي هي من الحقائق الداخلية، ولكنه يسألك لماذا فعلت كذا؟ وماذا صنعتَ في كذا؟ (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)، والشريعة كذلك هي النهاية كما قال القائل: غاية سير الرجال شرعنا المحمّدي..
واعلم يا أخي أنه ليس كلّ من صحب شيخاً كاملاً مرشداً فإنه سيصبح من العارفين، فإنّ نفوس البشر تختلف، وكذا يختلف استعدادهم وصدقهم وتوجّههم، وكم وجدنا من صحب الشيوخ أكثر من أربعين سنة ولم يستفد شيئاً، ومنهم من يصل إلى الله من أول نَفَس، فالطريق لمن صدق وليس لمن سبق (إنك لا تهدي من أحببت)..
ومن الأمور الأخرى التي على العبد الذي لم يجد شيخاً يربيه أن يُكثر من قراءة موضوعات السيرة النبويّة والشمائل المُحمّديّة، وعليه بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وفهم السنّة الشريفة ، فليتأسى بسيرة المصطفى كما قال سبحانه وتعالى: (ولكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر)، وقال تعالى: (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، وقال سبحانه: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)..
ومن النصائح الهامّة كذلك والتي أركّز عليها لمن لم يجد شيخاً أن يكثر من مطالعة كتب القوم، ونصائحهم وأقوالهم وذلك ليتعلّم مبادئ السلوك إلى الله وطرق تهذيب النفوس وتزكية القلوب وغيرها، وهذا له أثرٌ عظيمٌ جداً فإنّ الاقتداء بآداب المشايخ -حتى وهم أموات- له فائدة في الطريق، فهذا ربّ العزّة يسرد القصص لرسوله الكريم ليثبّت به فؤاده صلى الله عليه وسلّم، وأوصاه فقال: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).. والله تعالى أعلم..
وليعلم جميع أخواني أننا لم نجد أشدّ على العبد في طريقه إلى الله تعالى من صفات: الكبر والعُجب والتعاظم والتعالي على عباد الله، يقول تبارك وتعالى في الحديث القدسيّ: (الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما قصمته)، فانتبهوا من ذلك واحذروا فإنّ هذه الصفات تعيد العبد إلى نقطة البداية ولو كان في علّيين (ويحذّركم الله نفسه وإلى الله المصير).. والله تعالى أعلم.
سؤال:
كنتم قد ذكرتم ان الولاية لا علاقة لها بالاعمال وانما بالقلب ، كيف نوفق بين ذلك وبين الحديث "وما زال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فان احببته كنت.." ؟
اجابة فضيلة الشيخ:
قوله: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي) دلالة على عمل القلب، لأن قربه قلبي، فهو يريد مولاه ويرجو رضاه، ولكن ترجم ذلك بالعمل، فإن الأعمال هي ترجمة الأحوال، وإن من أحب شيئاً سعى إليه، فما بالك بمن سعى إلى الله سيد الوجود!.. ولكن أصل مادة التقرب هي القلب، فمن أكثر من الأعمال وقلبه غافل فلن يحصّل شيئاً من درجات القرب ولو كانت أعماله مثل الجبال..
سؤال:
ما هو افضل تقسيم لليلة القدر كيف نحييها وكيف نقسمها ؟؟؟
اجابة فضيلة الشيخ:
الصلاة لله وقراءة القرآن، هما أفضل ما يكون فيها مع التضرع إلى الله بالدعاء وكثرة مناجاته..
سؤال:
ما حقيقة القول القائل -عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمات-ومل حقيقة ما يجده الذاكرون من روحانية شيوخهم حال الذكر وحتى وان كان الشيخ قد توفاه الله ويقولون انهم يحضرون معهم حال الذكر
اجابة فضيلة الشيخ:
هذه المقولة صحيحة إلى حد قريب ولكن ليس بالتصور الذي يعتقده الكثيرون من أن الشيوخ يحضرون بأرواحهم وغير ذلك.. ولكن إنه إذا ذكر الصالحون فإن الأرض والسماء والملائكة السيارة لتدعو لهم وتترحم عليهم، فتتنزل الرحمة والسكينة عند ذلك.. وبوجه آخر عند ذكر الجن والشياطين وأهل الفساد يحصل القبض، وهكذا.. أما حضور الأرواح فهو حضور برزخي وليس واقعي وحسي، وبعض الناس يشعر بتلك الروحانية وخاصة عند تحقق اللطافة الروحانية.. والله أعلم
سؤال:
ما أوسط كلمة فى القرآن وما المعانى الكامنة فيها
اجابة فضيلة الشيخ:
هي كلمة (وليتلطف) وتعني اللطف الذي هو اللين في القول والفعل، وتعني كذلك اللطيف الذي هو عكس الكثيف، وتطلق على لطافة الروح ونعني بذلك تذويب المادية البشرية والتحليق في سماء الروحانية..
سؤال:
كيف يتم تذويب المادة البشرية والتحليق في سماء الروحانية؟
اجابة فضيلة الشيخ:
بكثرة الحضور مع الله في القلب بالتعظيم والتبجيل والهيبة..
سؤال:
لماذا تختلف ليلة القدر من عام الى عام؟
اجابة فضيلة الشيخ:
هذا الأمر هو لله من الله سبحانه، فهو من يتجلى على عبيده بالمكرمات والعطايا، وهو من يعلن المكافأة لهم في أي وقت شاء.. وإن القرآن نزل في ليلة الخامس والعشرين من رمضان، ومع ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في وتر العشر الأخير من رمضان) فهي تتنقل في الأعوام، وإنها لو استقرت في ليلة معينة لتكاسل الناس ولتواكلوا، فأخفيت حتى يجتهد الجميع ويكثرون من التضرع إلى الله سبحانه..
سؤال:
هل تقصدون ان الله يختار من العشر الوتر يوم معين كل عام فتكون ليلة القدر فيتجلى لعبيده بهده المكرمات والعطايا في تلك الليلة ؟
اجابة فضيلة الشيخ:
لا يشترط كذلك أن تكون في الليالي الوتر فربما كانت في زوج.. ما نذكره هو على الترجيح.. والحق سبحانه يتجلى كيف شاء بما شاء لمن شاء.. فالتمسوا رضا الله عليكم تجدوه غفوراً رحيماً، (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً واستغفروا الله إن الله غفور رحيم)
سؤال:
تشير الدراسات العلمية والتجارب العملية ان قلة النوم تؤثر سلبا على صحة الانسان وتسبب له الضرر فلماذا يوجد تعارض بين العلم والدين وخصوصا في تلك المسالة ؟
اجابة فضيلة الشيخ:
لا يوجد أبداً تعارض في أي مسألة بين العلم والدين.. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن لعينك عليك حقا) وقال: (إني أصوم وأفطر وأقوم وأنام) والأحاديث كثيرة في هذا الشأن، والصواب عدم قلة النوم وعدم كثرته، والاعتدال هو سيد الأمزجة.. وقوله تعالى واضح في هذه المسألة: (علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤوا ما تيسر منه) وهذا دليل على أن قلة النوم إذا أثرت على الإنسان فعليه إيثار النوم حتى على العبادة، فلكل إنسان ظروفه وشئونه المختلفة والحق سبحانه قد راعى ذلك، وهو أرحم الراحمين..
سؤال:
ما هي اية التفريد في كتاب الله
اجابة فضيلة الشيخ:
جميع آيات التوحيد تصلح أن تكون آيات للتفريد، لأن التفريد هو مرتبة يستولي فيها شهود الله على القلب فلا يبقى فيه سواه سبحانه. أما التوحيد فهو مرتبة تظهر مع غيرها، فمثلا التوحيد عند الصبر والتوحيد عند الدعاء والتوحيد عند الشكر والتوحيد عن التوكل وغير ذلك، والتفريد هو مرتبة تظهر بذاتها فالله هو الساكن بعظمته وهيبته في القلوب لا ينفك القلب عن ذلك.. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (سبق المفردون) فجعلهم الأسبق في القرب، ووصفهم بقوله: (الذاكرين الله كثيراً والذاكرات) وفي رواية (هم المستهترون بذكر الله) أي المكثرون الغارقون في ذكر الله وهم الذين استولى ذكر الله على قلوبهم..
رابط فهرس ارشيف جلسات رمضان
رابط المشاركة في مجموعة "بينات من الهدى والفرقان:http://www.facebook.com/groups/264263383686994