مرحبا بك الزائر الكريم وبامكانك تسجيل الدخول من الاعلى



هدى للناس وبينات» شهر رمضان ضيفٌ حلّ.. وهديّةٌ من الله عزّ وجلّ

لقد حلّ عليكم شهر رمضان ضيفاً كريماً، وحقٌّ على المؤمن أن يكرم ضيفه.. لقد حلّ عليكم هذا الشهر الكريم بهدايا عظيمة فهو شهر القرآن والغفران والرضوان والعتق من النيران.. أتاكم فمُحيت ذنوبكم لمجرّد قدومه، يقول رسول الله : (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر).. أتاكم فضوعفت أعمالكم وحسناتكم طيلة مكوثه؛ فالفرض فيه بسبعين فرضاً في غيره، والنافلة فيه بفرض فيما سواه، والعمرة فيه بحجة مع رسول الله، وغيرها من الحسنات المضاعفات.. أتاكم هذا الضيف فانظروا كيف أنتم مكرموه؟!!

إن من إكرام الضيف أن تحسن استقباله قبل مجيئه، وذلك بأن تستعد لقدومه ولإكرامه، وهكذا الحال في الاستعداد لاستقبال هذا الشهر المبارك، فقد كان رسول الله يستعدّ لاستقبال هذا الضيف الكريم قبل مدة من قدومه وورد عنه أن كان يقول: (اللهمّ بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان)، وقد ورد أن الصحابة كانوا يستعدّون لقدوم رمضان وينتظرونه قبل ستة أشهر من قدومه نظراً لغلاوة هذا الضيف العزيز على قلوبهم..

وهذه الجنة تستعدّ لاستقبال رمضان من الحول إلى الحول فرحاً بهذا الشهر وتعظيماً لشهر الله ، وكذا الحور العين، وفي ذلك قال نبينا : (إنّ الجنة لتُزيّن لرمضان من رأس الحول إلى الحول، فإذا كانت أول يوم من رمضان هبّت ريح من تحت العرش فصفّقت أوراق الجنة، فتنظر الحور العين إلى ذلك فيقلن: يا ربنا، اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجاً تقرّ أعيننا بهم، وتقرّ أعينهم بنا)..

وإن من إكرام الضيف أن تحسن استقباله عند مجيئه، ومن حسن استقبال هذا الشهر عند مجيئه أن تتوب من ذنوبك وتعتزم التغيير حتى يغيّر الله سبحانه نفسك، فتصبح نوراً كلّك، وتودّع ظلامك؛ فإنّ رمضان هدىً للنفس، والهدى نورٌ ينير بصيرتك، ولهذا فقد قال رسول الله عن هذا الشهر الكريم : (شهر رمضان أوله رحمة)، لأنه يأتيك مادّاً يديه بالرحمات فمرحا بشهر الرحمة وهنيئاً لمن جاءه رمضان فغُفر له..

وإنّ من إكرام الضيف أن تقبل هديته؛ وقد أتاك هذا الشهر العظيم بأعظم الهدايا فمنها أن غفر الله ذنوبك؛ فاغفر لمن أخطأ في حقك، وسامح من أساء إليك.. ومنها أنّ الله سبحانه بالغ في إكرامك، فأكثر من إكرام الآخرين.. ومنها القرآن، فأكثر من تلاوة كتاب الله ومن مدارسته وتدبّره في رمضان، فإن رمضان ملازم للقرآن وفيه من سرّه، ولذا يأتي الصيام والقرآن شفيعان للمرء يوم القيامة، يقول رسول الله : (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: ربّ إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: ربّ منعته النوم بالليل، فيشفعان).. وغيرها من الهدايا المباركات..

وإنّ من إكرام الضيف الإقبال عليه طيلة مكوثه عندك وعدم الإعراض عنه، وهكذا مع هذا الشهر، فمن إكرامك له أن تُقبل على الطاعات فيه وتكثر منها ومن أعمال الخير بعلو الهمّة والاجتهاد.. وكذلك أن تقدّم له من أطايب وأجود ما لديك من الساعات والأوقات والصالحات ولا تبخل بوقت أو بجهد أو مال، فقد قال ابن عباس : (كان رسول أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل , وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن, فلرسول الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة)، فجودوا يُجاد عليكم ومن جاد الله سبحانه عليه بورك له في ما يملك..

ومن إكرام الضيف كذلك أن تختار في حضرته أطايب الكلام ومحاسن الأفعال وأن تحرص أن لا يرى منك ما يكره، وأجدر بذلك شهر الرحمات فاختر لك فيه أطيب كلام وخير فعل وإياك والغيبة والنميمة والسباب واللغو وقول الزور وكل ما يكرهه الله سبحانه، وقد جاء في الحديث: (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق)، وقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام قوله في الامرأتين اللتين صامتا عن الطعام والشراب واغتابتا الناس: (إنّ هاتين صامتا عمّا أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرّم الله عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان من لحوم الناس)..

وكذلك من إكرام الضيف أن تودعه بنفس حرارة استقباله، وقد كان رسول الله يزيد الهمّة في أواخر الشهر ويضاعف في عمله وعبادته؛ لأنه مفارق لشهر عظيم ولضيف كريم، فكان عليه الصلاة والسلام يودعه بحرارة، وقد ورد عن أمّ المؤمنين عائشة قولها: (كان رسول الله إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله) وورد عنها كذلك أن رسول الله كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها، وهكذا ورد عن صحابته الكرام أنهم كانوا يبكون على رمضان بعد فراقه أشهراً..

وأعظم هدية جاء بها رمضان أنه هو نفسه هدية العزيز الرحيم لهذه الأمة المرحومة، فاقبلوا هدية مولاكم، وأحسنوا الأخذ من المعطي، وهلمّ إلى عطية الكريم، فمن سارع إليه أخذ، ومن تباطأ أضاع وفقد.. ومن أخذ الهدية وقبلها فاز بها، ومن أعرض عنها ورفضها خسرها، فيا طوبى لمن فاز، ويا حزن من خسر..

ولمّا كان هذا الشهر وكلّ ما فيه من خير هو هدية المولى، وأنّ الهدية علامة المحبة، يقول عليه الصلاة والسلام: (تهادوا تحابوا)، فقد كان رمضان هو علامة محبة مولاكم لكم، وقد بدأكم مولاكم بها دليل حبّه لكم وتودّده إليكم فنعم العبد الذي يقابل هدايا مولاه بالشكر له والتقرّب إليه والحياء منه!!

نسأل الله أن يجعلنا في هذا الشهر من المُكرَمين ومن المُكرٍمين، وأن يمنّ علينا وعليكم بالقبول، إنه سميع قريب مجيب..

لا يوجد اي تعليق على هذا الموضوع
  • صفحة 1 من 1
التعليق:
التعليق على المواضيع خاص للأعضاء المسجلين فقط
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع هدىً للعالمين © 2014
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
الاسم:
البريد الالكتروني:
تعديل
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
الاسم:
البريد الالكتروني:
تسجيل
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
دخول
أعلى الصفحة