مرحبا بك الزائر الكريم وبامكانك تسجيل الدخول من الاعلى



فقه الشريعة والقانون» الهجرة الى غير بلاد المسلمين

إن المتأمل للحقيقة ليجد أن الأرض كلّها لله تعالى وأنه سبحانه أباح التنقل فيها والتكسب في أنحائها وأرجائها فقال: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور).

إنّ المتأمل في سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلّم ليجد أنه قد أمر صحابته بالهجرة إلى الحبشة، وقال لهم: (لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن فيها ملك لا يظلم عنده أحد، و هي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه)، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المقولة الشريفة قد بيّن لنا العديد من الأمور الهامة في مسألة الهجرة.

فأولها أن المرء يمكنه الهجرة إلى أية مكان إذا تعسّرت عليه الأمور بحثاً عن الفرج واليسر بغض النظر إذا ما كان بلداً مسلماً أو غيره، وأن الأهم في هذا الأمر أن يذهب إلى بلاد آمنة يكثر فيها الاستقرار والعدل. وكما ورد في النص: (أرض صدق) أي أنها لا كذب فيها ولا خداع ولا غش وتحسن فيها المعاملة.

كذلك فلا بد من البحث عن أرض تطبق العدالة والمساواة بين شعبها، فلا تفرق بين شخص وآخر على أساس المعتقد أو اللون أو اللغة أو العرق وغيرها. وإن الرسول صلى الله عليه وسلم لمّا أمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة فمع اختلاف اللون والدين والعرق وغيرها، فقد وصف ملكها بأنه لا يُظلم عنده أحد.

ومن الأمور الهامة كذلك الحفاظ على الهوية. فإن المسلم يخاف على دينه من الانفتاح التي تعيشه الشعوب الخارجية والتي تشكل خطراً حقيقياً على الهوية الدينية خاصته. لهذا فإن من أهم الشروط التي يتوجب على الإنسان معرفتها أثناء هجرته بأنه لا بدّ عليه من الحفاظ على دينه وعدم الانقياد للمفسدات التي تنتجها الحرية المطلقة. وإن كان يستطيع هو الحفاظ على نفسه من الانجراف في ذلك التيار فعليه كذلك أن يقي أولاده وذريته من هذا الخطر العظيم.

إن دولاً لا تمنع الفساد بل تضع له ضوابط وقوانين، لن تكون أبداً سهلة العيش مهما بلغت حضارتها، ولكن الاضطرار في بعض الأحيان يجعل المرء يتحمل على عاتقه تلك المخاطر خوفاً من خطر أكبر، ولهذا فقد قال صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: (حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه). وهنا يكمن الهدف الحقيقي من الهجرة وهو ابتغاء الفرج مما يخاف منه الإنسان أن يقع في مخاطر مهلكة.

أما مسألة الرزق أو البحث عن سعة العيش، فلا أخالها تقدح في مشروعية الهجرة، فإنّ ذلك جائز حيث أن الأرض كلها لله تعالى، وهو سبحانه من أباح السعي في الأرض توكلاً عليه ورغبةً في فضله. وأمّا قوله صلى الله عليه وسلم: (فمن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) فلا يفيد تحريم السعي إلى الرزق، وإنما يقصد بذلك محبة الدنيا والسعي إلى المتعة والشهوة، وهذا من الأمور المذمومة التي يجب أن يتنبه لها من أراد الهجرة..

وعلى كلّ إنسان مسلم أراد أن يعيش على أرض ترتفع فيها راية اللا إسلام، أن يكون عنواناً لرسالة السماء، وأن يتحلى مع الجميع بأخلاق الرّسل وأن يكون رمزاً للفضيلة، فإن كلّ تصرّف من تصرفاته ينظر إليه من حوله على أنه تصرف نتج عن مسلم، فإنهم إن رأوا السماحة واللين والعفو وحسن الجوار والرحمة والمحبة فبالتأكيد أنهم سيحترمون الدّين وصاحبه، وأمّا إن رأوا عكس ذلك من الكراهية والحقد والغلّ والقسوة وغير ذلك فإنهم سيزدادون بغضاً للإسلام، وهذا من الأمور التي يجب على كلّ مسلم مراعاتها في تصرفاته، فإن الغيرة أحياناً على الدّين تعمي عن الحكمة..

والله من وراء القصد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..


لا يوجد اي تعليق على هذا الموضوع
  • صفحة 1 من 1
التعليق:
التعليق على المواضيع خاص للأعضاء المسجلين فقط
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع هدىً للعالمين © 2014
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
الاسم:
البريد الالكتروني:
تعديل
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
الاسم:
البريد الالكتروني:
تسجيل
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
دخول
أعلى الصفحة