
البرامج المقرصنة هي تلك البرامج التي فكّت حمايتها، فأصبحت متداولة بين أيدي الناس بثمن بخس لا يعود على الشركة الأصلية المصنعة أو المنتجة بأية منافع أو عوائد مادية..
المهم علينا قبل ان نسترسل في تبيان الأحكام في هذه المسألة أن لا نغفل عن حقيقة هامة جداً، وهي أن ديننا الإسلامي يحترم الحقوق الفكرية، والملكية الفردية، سواء أكانت هذه الملكية لمسلم أم لكافر، ولا ننسى أنّ حقوق الملكية وحقوق النشر وحقوق التوزيع لها احترامها ولها حرمتها، فنحن كمسلمين علينا أن نكون أوّل من يحترم ذلك..
بداية علينا أن نعلم جلياً أن الشركات الكبيرة لا تستهدف شريحة المستخدمين وإن كانت شريحة لا يُستهان بها، بل هي تستهدف تجار الجملة والتجزئة والشركات، حيث أنها تبيع برامجها لهم بأثمان باهضة بتراخيص معينة وتصاريح محدودة، وأعداد مستخدمين معينين وذلك يكلّف الشركات تكاليف ليست بالهيّنة، إضافة لعقود الدعم الفني والصيانة، وغيرها..
إنّ الشركات الكبيرة المنتجة للبرمجيات تستطيع فرض حماية قوية على برامجها وتستطيع منع المستخدمين العاديين إلاّ أن يستخدموا نسخاً أصلية، ولكنهم لا يفعلون لأنّ ذلك ليس في مصلحتهم السوقية؛ فإنّ من مصلحة الشركات الكبرى أن تنتشر برامجها بصورة رهيبة لدى العامة، حتى لو كان ذلك بدون أية عوائد مادية، لأنّ ذلك من شأنه أن يسوّق برامج أخرى وأدوات معينة لا تعمل إلاّ عن طريق برامجهم المصنعة..
الفقير يتكلّم عن فئة المستخدمين الأفراد، وليس الشركات والمجموعات التي تستخدم تلك البرامج، حيث أنّ الشركات المصنعة للبرمجيات تلاحق تلك الشركات المستخدمة التي ليس بينها وبينهم عقوداً صريحة وموثقة، والعديد من القضايا في وزارة الإعلام التي تجبر الشركات على عمل عقود مع الشركات المصنعة للبرمجيات كمايكروسوفت وغيرها لأنها تستخدم نسخاً غير أصلية وغير مصرحة..
من زاوية أخرى، فالمستخدم الذي يستخدم برامج غير أصلية فإنه يُحرم من الدعم الفني والصيانة، حيث أن الشركات المصنعة والمنتجة للبرامج لا تقوم بصيانة المنتجات الغير أصلية، ولا تدعمها فنياً، ولا تضمنها من حيث تأثيرها على الأجهزة وعلى محتويات الخصوصية أو غير ذلك..
عموماً، فإنه على الشركات المنتجة للبرامج والتي تطالب المستخدمين بأن لا يستخدموا نسخاً أصلية أن يقوموا بحماية برامجهم بصورة أو بأخرى، وهم قادرون على ذلك.. وقد رأينا الكثير من الشركات التي لا يمكن للمستخدم أن يستخدم برامجهم إلاّ عن طريق النسخ الأصلية، وهذا ليس صعباً..
فإننا لو أفتينا بعدم جواز استخدام البرامج المنسوخة لكان ذلك مؤدياً إلى حرج شديد في الأمة، حيث أن الكثيرين لا يستطيع شراء تلك النسخ، وسيؤدي ذلك إلى كساد التكنولوجيا الحديثة، وتوقف عجلة التطور.. ولكن ما دام أن ذلك أصبح كالمال المشاع، فإنّ الأخذ منه لا بأس فيه ولا حرج.. والله أعلم..
فاستخدم تلك البرامج المنسوخة لأغراضك الشخصية، وإياك من المتاجرة بها وفك حمايتها، وما إلى ذلك.. وادعُ لأولئك الذين يقومون بصناعة البرامج المفيدة والتي تكون سببا في نشر العلم النافع كالبرامج الدينية، فعسى أن تكون دعوتك لهم هي خير عائد لهم بإذن الله تعالى..
إنه على كل صاحب الشركة بتوفير المتطلبات والمستلزمات التي يحتاجها العمل، ويتحمّل كافّة الأعباء والمسئوليات القانونية المترتبة على ذلك.. ولكن الكثير من أصحاب الشركات لا يُلامون لأنهم ليسوا متخصصين في بعض المسائل ولا يعرفون ما يحتاجه القائمون عليها من متطلبات لازمة لأداء العمل، وهنا يتعيّن على القائمين على الإدارات المختصة تحديد احتياجاتهم وإدخالها ضمن الموازنة الخاصة بإداراتهم وأقسامهم، ولا أعتقد أنّ أصحاب العمل يعترضون على شراء تلك البرامج الأصلية؛ لأنهم في النهاية يحرصون على استيفاء متطلبات النظام بشكل أو بآخر..
فما أوصي به أن تقوم بعمل طلب لشراء النسخ الأصلية من البرامج التي تعمل عليها، فإن رفض المدير العام أو المفوّض بالاعتماد فوضّح له أنّ ذلك أكثر أمناً للشركة من حيث المطالبات القانونية، وكذلك أكثر أمناً للأجهزة وللبرامج؛ وتوضح له أنّ البرامج المنسوخة تفقده ضمان الشركة الأم بالإضافة إلى أنها تصبح غير مدعومة.. فإنّ تم رفض طلبك فلا شيء عليك ولا حرج إن شاء الله..
ولا يعني حديثنا في هذا الباب أن تقوم بعمل البرمجيات الخاصة بفك الحماية (الكراك)؛ لأنّ ذلك يُعتبر تعدّياً على حقوق الملكية الخاصة بتلك البرمجيات.. أمّا الكراكات التي تأتي مع البرامج نفسها فلا بأس باستخدامها لأنها تأخذ نفس حكم البرامج المنسوخة.. والله أعلم..
هذا والله أسأل أن يبارك لنا في أوقاتنا، ويبلغنا رضاه سبحانه، ولا يجعلنا من الآثمين المُعتدين.. آمين.. ولا تنسونا من الدعاء الصالح،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..