مرحبا بك الزائر الكريم وبامكانك تسجيل الدخول من الاعلى



فقه الشريعة والقانون» الدخان ، حرمته وخطره وكيفية التخلص منه

اعلم يرحمك الله تعالى أن هذا الموضوع موضوع هام جداً، وقد وقع فيه الكثيرون من الناس اليوم، وهم يسيرون بذلك وراء شهواتهم وأهوائهم بحجة ما يسمونه بالكيف والمزاج مع علمهم أو علم أكثرهم بحرمة التدخين أو ما شابهها كالأرجيلة وغير ذلك.. ونحن الآن في وقت يجب فيه تصحيح الطريق وترويض النفس، وهذا ما دعا الفقير إلى الحديث عن هذا الأمر حرصاً أن يحاول كلّ مسلم أن ينزّه نفسه عن القبائح وأن يكرم نفسه عن الأمور التي تنقص من كرامته التي خلقها الله سبحانه عليها..

فإن التدخين هو صورة من صور اتباع الهوى والانقياد للرغبة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وأرجو أن يتدبّر كل مدخن هذه الكلمات، وأن يعزم على ترك هذا البلاء، كما أرجو من الغير مدخنين أن يوجهوا أولئك الذين اُبتلوا بهذا الداء، فإنّ الدين النصيحة، وللناصح أجر سواء عُمل بنصيحته أم لم يُعمل، ولأن يهدي بك الله رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس..

وممّا يسرّ له في هذه الأيام ما شاهدناه من غيرة كلّ مسلم على هذا الدين، فقد قاطع المسلمون الطيبات نصرة لله ولرسوله، ألا يجدر بهم كذلك أن يقاطعوا الخبائث والمنكرات نصرة كذلك لله ولرسوله؟!! نعم، إن ذلك أوجب، فهذه السجائر هي دمار لأمة الإسلام، تحطم النفس، وتعطّل العقل، وتذهب بالمال، وتدمّر الصحة، وتسبب الكثير من المشاكل الاجتماعية، وغير ذلك الكثير..

وهذه بعض النقاط التي تبيّن قبح التدخين وأنه محرّمٌ شرعاً، قبيحٌ عادةً، والله الهادي إلى سواء السبيل:

1) إنّ التدخين حرام شرعاً لأسباب عديدة ، فالحق سبحانه يقول: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ)، ومعروف أنّ الدخان خبيث وذا رائحة خبيثة، وهو مصنوع من مادة خبيثة، ويعي هذا الشيء الأشخاص غير المدخنين عندما يشمون رائحة الدخان، بالإضافة إلى أنّ رائحته تعلق بالملابس وبالنَفَس وبالأشياء.. ولا يمكن لاثنين أن يختلفا على خبث رائحة الدخان، والمدخن نفسه لا يشمّ الرائحة، ولكن الغير مدخنين يعلمون خبث رائحته جليّاً.. وقد حرص الإسلام على تزكية الروائح الطيبة، فهذا رسولنا الكريم يحب الطيب، وها هو يوصي لمن يأكلون الثوم أن لا يقربوا المساجد حتى لا يؤذوا المصلين بروائحهم الخبيثة، وها هو يشيد بالمؤمن الذي يقرأ القرآن ويشبهه بالأترجة ذات الرائحة الطيبة، ويشبه المنافق الذي لا يقرأ القرآن بالحنظلة ذات الريح الخبيثة، وغير ذلك من الأمور التي توضح أهمية أن يكون المسلم ذا رائحة طيبة لا يخرج منه إلاّ الطيب..

2) إنّ التدخين مضرّ بصحّة المدخّن وغير المدخّن، وقد أثبت العلم ضرر التدخين على الصحة وسببه في الكثير من الأمراض والسرطانات، كالربو وضيق التنفس والجلطات والحموضة والقرحة والضعف العام للجسم، ومعروف أنّ المادة الفعّالة فيه (النيكوتين) تؤثّر سلبياً على العقد العصبية في الجسم، والقطران كذلك يترسب في الرئتين وفي الكبد ممّا يؤثر على الوظائف الحيوية، وغيرها من الآثار المختلفة للتدخين وكلّ ما يضرّ بالصحة والجسم فهو محرّم، يقول صلى الله عليه وسلّم في الحديث الشريف: (لاضرر ولا ضرار).. وللأسف فإنّ المدخن يعتقد أنّ الدخان يريح أعصابه، وهذا اسمه الكيف الكاذب، وهو مجرد وهم في وهم؛ فإنّ التدخين يتسبب في إغلاق العقد العصبية النيكوتينية في الجسم، وبعد ذلك تنفتح فجأة، فيشعر المدخن باسترخاء في جسمه، مع أنّ الحقيقة أنه دمار للأعصاب.. وحسب المدخن أنّ مادة النيكوتين إذا حُقن منها 6 ملغ في الوريد فإنها تقضي عليه مباشرة!!..

3) الدخان مؤثر على المال، فإن المدخن ينفق ماله فيما لا ينفعه ولكن يضرّه، وهذا إسراف يحاسب الحق عليه؛ فإن المال سيُسأل عنه كلّ إنسان، يقول صلى الله عليه وسلّم: (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به).. وعجباً من ذلك الذي يدفع مالاً ليدمّر نفسه وصحته!!.. وسبحان الله ترى بعض المدخنين أحياناً يوفرون من مالهم على حساب قوت أولادهم ليستطيعوا شراء السجائر، وليتهم وفروا هذا المال لينفقوه على أسرتهم أو حتى على ما ينفعهم..

4) ورد في الصحيح أنّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم وُضع أمامه طعام حار، فرفع يده عنه وامتنع منه قائلاً : (لم أكن لأضع في جوفي ناراً)، فما بالك بالمدخن يحرق نفسه ويدمر صحته، بل بالعكس لا يستطيع أن يهنأ إلا إذا جوّف الدخان إلى صدره!!..

5) وصف نبيّنا الكريم الجليس السوء بنافخ الكير (الدخان الناتج عن نار صهر الحديد) فقال عليه الصلاة والسلام: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة)، والحديث صحيح رواه الشيخان.. وهذا حال المدخن الذي ينفخ الدخان النتن ولا تجد منه إلا ريحاً خبيثه، فهذا كجليس السوء.. وقد مرّ معنا في النقطة الأولى أهمية الحرص على الروائح الطيبة والزكية، وذلك لما فيه من راحة الآخرين وعدم مضايقتهم.. فما أشد رائحة الدخان على أولئك الذين لا يدخنون فإنهم يتضايقون كثيراً، فإياك أن تكون سبباً في مضايقة الآخرين منك، وكم من مدخن دعا عليه الآخرون لما سببه لهم من ضيق!!..

6) الإسلام حريص كلّ الحرص على أن يجعل المسلم متحرراً من الذلّ والانقياد للهوى، والمدخن لديه استعداد أن يترك الطعام والشراب ولا يستطيع ترك الدخان، وتراه إذا انتهت سجائره يقفز على الفور ليشتريها ولو كان في نصف الليل.. وتراه لا يستطيع الجلوس مع غير المدخنين لفترات طويلة حيث يبدأ جسمه في طلب الدخان والنبي الكريم صلى الله عليه وسلّم يقول: (بئس العبد عبدٌ هوىً يقوده، ورغبٌ يذلّه) رغب أي رغبة..

7) يقول عليه الصلاة والسلام: (كلّ من نبت جسمه من حرام فالنار أولى به)، والمدخن يسري الحرام في دمه وفي سائر أعضائه.. وليت المدخن يذهب فيعمل لصدره صورة تلفزيونية ليرى رئتيه ماذا صار شكلهما، فإنهما يصبحان محروقتان منتنتان منكمشتان سوداوتان، ولا ترجعان لوضعهما الطبيعي إلا بعد سنتين إلى أربع سنوات، ويا سبحان الله!!..

8) كلّ من أصرّ على حرام فهو فاسق، والمدخّن يعلم حرمة الدخان ومع ذلك يصرّ عليه..

9) الدخان له تأثير سلبي على السلوك إلى الله سبحانه؛ فإنه خبيث يجذب الشيطان الذي يحبّ الخبيث، لذلك ترى المدخن عصبي المزاج، وسريع الغضب.. ومن كان الخبث في صدره كان الظلام مسيطراً عليه، ولا يمكن لمن يملأ صدره من ظلمة الشيطان وخبثه أن يستقبل نور الله في ذلك الصدر.. كما أنّ الملائكة الطيبين ينفرون من كل خبيث نتن، ويتأذون مما يتأذى منه بنو آدم، فلا تكن أيها المسلم سبباً في تأذي ملائكة الرحمن منك، وسبباً في نفورهم من حولك، وسبباً في جذب الشياطين إليك، فإنّ الله طيب يحب الطيب..

وقد أثارت دهشتي قبل عدة سنوات تصريحات الأمريكي اليهودي (فيليب موريس) صاحب مصنع للسجائر ذات ماركة (مارلبورو) المشهورة، وقد سُئل عن سبب الإقبال الشديد من مدخني هذه الماركة التي يقوم بتصنيعها، فقال أنه يضع نسباً ضئيلة من بعض المواد المخدّرة في تصنيع منتجاته.. هذا من صرّح علناً فما بالك بمن لم يصرّح؟!..

ولا أدري هل يوجد بعد ذلك جريمة، فإنّ ذلك إن صحّ فإنه مؤشر خطير على حرص أولئك اليهود على دمار العالم، فهل نتيح لهم الفرصة ليخربوا نفوسنا ويهدموا صحتنا ويقتلوا شبابنا؟!!

وربما يتساءل المدخنون كيف يمكننا ترك الدخان، وما هي أفضل وسيلة لذلك؟!! حيث أن بعضهم قد حاول أن يتركه ولكن دون أن يفلح تماماً في ذلك، وإنني في هذه الأسطر القليلة أحبّ أن أبيّن أفضل وسيلة علمية وعملية لترك هذا الداء..

إنّ أفضل وسيلة لترك التدخين هي الإقلاع عنه مرة واحدة وليس كما يعتقد البعض بأنه بالتخفيف منه تدريجياً.. فإنّ جسم المدخن قد اعتاد على جرعات معينة من النيكوتين للحفاظ على نسبة معينة في الدم، فلمّا يبدأ المدخن في التخفيف يبدأ الجهاز العصبي بالمقاومة لذلك، فيبدأ بطلب جرعات لتعويض الفاقد من تلك النسبة، ولهذا تجد المدخن بعد فترة يعود للتدخين أكثر مما كان عليه، فيصبح يتناول السجائر بشراهة حتى تستقرّ النسبة مرّة أخرى في الدم..

أمّا من يتركه مرة واحدة، فإنه يسبب مقاومة شديدة في الجهاز العصبي ويصبح الجسم يطلب جرعات كبيرة من النيكوتين كما أسلفنا، ولكن إذا استمرت مقاومته هو لطلبات الجهاز العصبي فإنّ الجسم يبدأ بتقليل الطلب رويداً رويداً؛ لأنه مستمر في طرح النيكوتين من الجسم، وهكذا إلى أن يتخلص الجسم من النيكوتين الزائد عن الحد..

وربما تكون هذه الطريقة للمدخنين صعبة، ولكن صعوبتها تكمن في الأيام الأولى في أكثر الحالات، وخاصة في اليوم الأول، حيث يصبح المدخن وكأنه منهار نوعاً ما، ويشعر بدوار عنيف جداً، وجفاف ورغبة شديدة وجامحة في التدخين وغير ذلك، وتبدأ تلك الأعراض بالتناقص في اليوم الثاني، وهكذا.. حيث أنه في اليوم الثاني لا يأتي على باله الدخان إلاّ في مرات متفاوتة، وتقلّ تدريجياً حتى يكاد في الأسبوع الأول لا يتذكر الدخان إلاّ مرة أو مرتين في اليوم على الأكثر..

وأهم شيء لتارك التدخين أن يعزم أن لا يعود إليه مهما حدث، وبعد ذلك يصبح يتأذى من رائحة الدخان بل أنه يصبح شديد التحسس منها حتى لو أنّ مدخنا آخر كان يدخن على بعد 100 متر فإنه سيشم الرائحة ويهرب منها، يا سبحان الله، كيف يصبح يهرب من الشيء الذي كان يطلبه ويسعى بنفسه وماله لاقتنائه ولشربه!!..

أسأل الله أن يمنّ على كلّ مسلم بقلب سليم، ونفس طيبة لا تقبل إلاّ طيباً، وأن يحرص كلّ واحد أن يمتلك نفساً كريمة، لا ترغب إلا في الحلال الطيب، ولا تطلب إلاّ كل ما ينفعها، وليجعل نفسه وماله طاعة لله وحده، وليست في خدمة سبيل الشيطان، وعوناً له.. ولا تنسونا من دعائكم البار الصالح،

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

 

لا يوجد اي تعليق على هذا الموضوع
  • صفحة 1 من 1
التعليق:
التعليق على المواضيع خاص للأعضاء المسجلين فقط
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع هدىً للعالمين © 2014
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
الاسم:
البريد الالكتروني:
تعديل
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
الاسم:
البريد الالكتروني:
تسجيل
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
دخول
أعلى الصفحة