مرحبا بك الزائر الكريم وبامكانك تسجيل الدخول من الاعلى



تقوى القلوب» من العزيز الحميد إلى من أبق من العبيد

أنزل الله جلّ ذكره في صُحف إبراهيم عليه السلام:

(من العزيز الحميد إلى من أبق من العبيد... سلامٌ عليكم، هذه رسالتي إليكم..

بما أختصكم به من نور العلم وذكاء الفهم، فأوّل ذلك أني أخرجتكم من العدم إلى الوجود، واخترعتُ لكم الجود.. وأنشاتُ لكم الأبصار فأبصرتم، وأسماع فسمعتم، والألسنة فنطقتم، والقلوب فعلمتم، والعقول ففهمتم، وأشهدتكم على أنفسكم لي بالوحدانية فشهدتم، وعند الإقبال أدبرتم، وبعد الإقرار أقررتم، ونقضتم عهودنا وغيّرتم.. فلا يوحشنكم ذلك منا، فإن عدتم عدنا وزدنا، في الكرم وُجدنا، فمن عثر أقلنا، ومن قطع وصلنا، ومن تاب قبلنا، ومن نسي ذكرنا، ومن عمل قليلاً شكرنا..

نعطي ونمنع، ونجود ونسمح، ونعفو ونصفح، كرمنا مبذول، وسترنا مسبول..

عبدي.. انظر إلى السماء وارتفاعها، والشمس وإشعاعها، والأرض وأقطارها، والأمواج وبحارها، والفصول وأزمانها، والأوقات وإتيانها، وما هو ظاهر وباطن، وكامن ومتحرّك، وساكن ومستيقظ، وراكع وساجد، وما غاب وما حضر، وما خفي وما ظهر، الكلّ يشهد بجلالي، ويقرّ بكمالي، ويُعلن بذكري، ولا يغفل عن شكري)

سبحانك يا مولاي، وأنا أشهد بأنك عظيم جليل عزيز لا نحتمل بطشك، ولا نستهين بقدرتك، ولا حول ولا قوة لنا إلاّ بك.. قدّستك الأملاك، وهابتك الأفلاك..

قال تعالى : (ألم ترَ أنّ الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدوابّ وكثير من الناس وكثير حقّ عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مُكرم إنّ الله يفعل ما يشاء)

اطرق باب الملكوت، وتفضّل أيها العبد بالدخول على سيدك بلا استئذان.. لا تجده من أمامك فحسب، بل هو من أمامك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك ومن فوقك ومن تحتك، محيطٌ بك، ناظرٌ إليك، احتارت فيه العقول والألباب، ولم تتسع لعظمته إلاّ قلوب الأحباب..

أنت الآن في حضرة الملك الجبّار، فطأطئ رأسك لهيبته، واخفض جناحك لجلاله، واحنِ ظهرك لعظيم سلطانه.. أقبل على سيدك أيها العبد الضعيف، وتأكّد بأنك لن تقرب منه خطوة، إلاّ ويقرب منك أميالاً... فاطلب تُطلَب، وتضرّع لصاحب الجلالة، وقدّس ومجّد سيادة العظيم المتعال، عساكَ تحظى بالودّ والقبول..

واعلم أيها العبد أنك لن تحظى بالودّ والقبول حتى تفرّغ قلبك من سلطان الهوى، وتقيّده بذلّ العبودية، فتحبّ ما تحبه لأجل مولاك، وتكره ما تكرهه لأجله، فما يحبّ اسعَ إليه، وما يكره اجتنبه.. 

فيا معشر المُتلذذين بذكر الله وحبّه، هل وجدتم ربّاً أكرم منه؟!!

ويا معشر المُدبرين عن الله وقربه، هل وجدتم مفرّاً منه؟!!

ويا معشر الغافلين عن ربكم وأنسه، هل لكم غنى عنه؟!!

ينادي الله كلّ ليلة من بطان عرشه:

(أنا الجواد ومن مثلي يجود على الخلائق وهم عاصون وأنا لهم مُراقب، أكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوا، وأتولى حفظهم كأنهم لم يُذنبوا فيما بيني وبينهم ، أجود على العاصين، وأتفضّل على المُسيئين.. من ذا الذي دعاني فلم أستجب له.. من ذا الذي سألني فلم أعطه.. من ذا الذي أناخ ببابي فطردتُه.. أنا المتفضل ومني الفضل، وأنا الجواد ومني الجود، وأنني الكريم ومني الكرم)

سبحانك يا مولاي، ما أعظم وأكرم ما تُقابلنا به، وأسوأ واقبح ما نقابلك نحن به..

سبحانك يا مولاي، أنت المُعطي الرزّاق الكريم، ونحن العبيد العاصون الناكرون..

سبحانك يا مولاي، تُقبل علينا إقبال المُحبّ الشفوق اللطيف، ونفرّ منك فرار الجاحد العاصي..

سبحانك يا مولاي، أكرمتنا وأعطيتنا عطاء الغني الذي لا تنفد خزائنه، ولم نشكرك ولم نخجل ولم نستحِ من أنفسنا كيف سنلقاكَ غداً.. 

عرف المُقرّبون الطائعون لذة الحبّ التي خطفت قلوبهم من بين عظام الصّدور، وتزلزلت أعماقهم من فرط الشوق لمحبوبهم الذي لا يُفارق خيالهم وبواطنهم يعشقونه ويعشقون ذكره.. وهامت عقولهم بلهيب القرب الذي لو صُبّت قطرة منها على الجبال لذابت، وعلى الأرض لفرطت، فهنيئاً لهم بمحبوبهم إذا تجلّى لهم ، فأنّى لعُبّاد الهوى النعيم برؤية المحبوب

لا يوجد اي تعليق على هذا الموضوع
  • صفحة 1 من 1
التعليق:
التعليق على المواضيع خاص للأعضاء المسجلين فقط
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع هدىً للعالمين © 2014
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
الاسم:
البريد الالكتروني:
تعديل
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
الاسم:
البريد الالكتروني:
تسجيل
رمز المستخدم:
كلمة المرور:
دخول
أعلى الصفحة