
إن الله سبحانه أقام الوجود على ثلاثة اسماء (الرحمن)، (الرب)، (الملك).. فهو (الله) الذي لا إله إلا هو، هو الغيب المطلق ظهر لمخلوقاته بالاسم (الرحمن) فكانت الرحمة العامة التي تجلت للأكوان واستوت على العرش.. لذا فقد كتب على ساق عرشه (رحمتي سبقت غضبي)..
وتفرّع من هذا الاسم جميع الأسماء الإلهية (قل ادعوا الله أو ادعو الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى)..
وساد العالمين باسمين (الرب) و(الملك) وجعل تحت هذين الاسمين جميع أسمائه الحاكمة على المخلوقات..
فاسمه (الرب) هو المختص بقضاء مصالح عبيده ورعاية أمورهم وتعليمهم وتوفير أقواتهم وغير ذلك.. أمّا اسمه (الملك) فو المختص بالحكم واستيفاء العدل والثواب والعقاب.. والاسم (الرحمن) هو ميزان الاسمين وهو الذي يحكمهما حتى أن يوم القيامة لا يكون السلطان إلا للاسم (الرحمن) (لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا).. وإن شئتم فاقرؤوا أواخر سورة مريم عليها السلام..
وقد افتتح الله سبحانه سورة الفاتحة بهذه الأسماء الثلاثة فقال: (الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين)..
وقد أعطى الله رسله الحكم والنبوة اي تجليات الاسمين، وأعطى رسوله صلى الله عليه وسلم الاسم (الرحمن) فكان رحمة للعالمين، وكان هو يوم القيامة من تظهر عليه تجليات هذا الاسم لما يعطى الشفاعة العظمى..
وعندما نقرأ في كتاب الله (الكناب والميزان) فالحق سبحانه يقصد بالكتاب النظام السماوي وهو الدين والميزان هو التطبيق فالأول من اسمه (الرب) لأنه يجب تعلمه والمحافظة عليه والثاني من اسمه (الملك) لأن هذا الاسم هو الرقيب وهو الحسيب وهو الذي يؤكد على تطبيق منهج السماء..
فكل علم وكل إرشاد وكل حفظ وكل رعاية وكل خلق وكل تصوير هي من الاسم (الرب) لذا كان أعلى رأس في الهرم يطلق عليه هذا الاسم، فنقول رب الأسرة ونقول رب العمل وهكذا.. ومن واجباته واجبات هذا الاسم..
وكل حكم وعدل ورقابة وثواب وعقاب وتوزيع أرزاق فهي من الاسم (الملك)..
ومقصود الأمر، أنّ كل مسئول وراعٍ عليه أن يعلّم من تحته ويرشدهم ويحفظهم ويعطيهم الأمان ويحكم بينهم بالعدل ويكافئهم بالإحسان، والرحمة من وراء ذلك هي السلطان على كل الأمور..
وهذه هي القيم التي علينا أن نسعى إليها ونحافظ عليها، وهذه هي قيم الصراط المستقيم وأساس المنهج مع الله ومع خلقه ومع أنفسنا.. الرحمة، العلم، العدل، الأمان،. والقيمة الخامسة وهي أعلاهم: التوحيد..
والله الهادي إلى سواء الصراط..